ماليزيا نموذج للتنمية
ينتابنا شعور احيانا مفاده أن انتماءنا الى العالم الثالث سر مدي وابدي ويستحيل الخلاص منه ويستبد بالبعض منا امام محاولات النهوض الفاشلة نظرية : "القوة والتخلف يدفع الى التخلف ."
والحقيقة الثابتة أن الامم والشعوب تخضع لمنطق المد والجزر بين القوة والضعف كما يقول احد الكتاب الامريكيين أن التاريخ يتسلسل كما تندرج عملية التنفس , فالنظام الاجتماعي والدولي الرتيب الثابت كحبس النفس , والاسترخاء كالزفير تتراجع به صور فلسفية وصيغ مألوفة متفق عليها وشهيق التاريخ إنما هو فيض من المعدات والظروف والقوى المتداخلة في مرحلة من مراحله .
وبعبارة اوجز كما نقول بالعامية "دوام الحال من المحال" فحين تتوفر الارادة الصادقة ونتحرر من قيود الفكر ورواسب الاستعمار والتخلف لا يمكن أن يقف في طريق تقدمنا عائق واحد .
ولعل تجربة ماليزيا احدى الدول الاسلامية بجنوب شرق آسيا تعد من اكبر الادلة واسطع البراهين على امكانية تحقيق تنمية اقتصادية معتبرة .وهي تجربة حرية بالدراسة والتأمل إذ تمكن هذا البلد المغمور ان يقفز في ظرف قياسي الى مصاف الدول الكبرى هذا بعد تهيئة الحكومة الماليزية مناخا مناسبا لجلب الاستثمارات الاجنبية والمحلية وانتقل من التركيز على الضرائب المباشرة والضرائب على السلع الى الضرائب على الاستهلاك المستندة الى قاعدة العرض .
ورفعت شعار "صنع في ماليزيا " ونفذته بصورة عملية وواقعية وتم تشجيع هذا الشعار على اعلى المستويات فرئيس الوزراء لا يركب سوى سيارة صنعت في ماليزيا ولا يستعمل سوى ما ينتجه اهل بلده واستطاع ان تفوق موارده من الصادرات 50 مليار دولار .
إذن فمقولة "التخلف لا تدفع الا لتخلف" تبرير العاجزين والراكنين لان تجربة ماليزيا وغيرها من دول جنوب شرق آسيا تحمل شحنة من الامل الدول السائرة حقا في طريق النمو