تاكد من الخطأ قبل النصيحة
وكان واضحا من نبرة صوته لما اتصل في انه كان غضبان يكتم غيضه قدر المستطاع ليست هذه هي
النبرة التي تعودت عليها من فهد .شعرت ان عنده شيئا .بدأ كلامه متحدثا عن الفتن وتعرض الناس لها و
ثم احتدت النبرة وجعل يكرر : الست داعية وطالب علم وافعالك محسوبة عليك . قلت : يا با عبد الله ليتك
تدخل في الموضوع مباشرة ة قال : المحاضرة التي القيتها في ... وقلت ..تعجبت و قلت متى كان ذلك ؟
قال قبل ثلاثة اسابيع قلت : لم اذهب لتلك المنطقة منذ سنة قال بلى وتحدث عن كذا وكذا ثم تبين لي
ان صاحبي بلغته اشاعة فصدقها وبنى على اساسها مناصحته وموقفه وكلامه .
وصحيح انني لا ازال احبه , لكن نضرتي اليه قصرت , لاني اكتشفت انه نتسرع ومثل ما يقولون يطير في
العجة . كم من اولئك الذين يبنون مواقفهم ونظراتهم على اشاعات كثير منهم من تنطبع هذه الاشاعة
في قلبه ويكون على اساسه تصوره عنك وهي كذبة احيانا يشاع فلانا فعل كذا وكذا فلاجل ان تحتفظ
بقدرك عنده تأكد من الخبر قبل الكلام عنه وهذا منهج النبي (ص) .
اتى رجل الى النبي (ص) فنظر النبي اليه فإذا رجل رث الهيئة مغير الشعر فاراد صلى الله عليه وسلم
ان ينصحه ليصلح من هيئته لكنه خشيي ان يكون الرجل فقيرا اصلا ليس ذا مال فقال له : " هل لك من
مال ؟. " قال الرجل : نعم , قال : من اي المال ؟ " قال الرجل من كل المال من الابل والرقيق والخيل
والغنم . قال : " فإذا اتاك الله مالا فليير عليك ." ثم قال تنتج ابل قومك صحاحا اداؤها فتعتمد الى
الموسى فتقطع اذانها فتقول هذه بحيرة وتشقها أو تشق جلودها وتقول هذه صرم فتحرمها عليك وعلى
اهلك ؟" قال الرجل : نعم , قال : " فإن ما اعطاك الله لك حل موسى الله احد وفي عام الوفود كان بعض
الناس ياتي مسلما ويبايع النبي (ص) وبعضهم ياتي كافرا او يسلم او يعاهد فبينما رسول الله (ص) مع
اصحابه يوما اذ جاء وفد الصدف وهم بضعة عشر راكبا فاقبلوا الى مجلس النبي (ص) فجلسوا ولم
يسلموا فسالهم : امسلمون انتم ؟" قالو نعم قال فهلا سلمتم ظ" فقاموا قياما فقالوا السلام عليك ايها
النبي ورحمة الله وبركاته فقال : وعليكم السلام اجلسوا ." فجلسوا ثم سالوه (ص) عن اوقات الصلوات
وفي عهد عمر (ص) توسعت بلاد الاسلام فعين عمر سعد بن وقاص اميرا على الكوفة , كان اهل الكوفة
حين ذاك مشاغبين على ولائهم أرسل نفرا منهم الى الخليفة عمر رضي الله عنه يشتكون اليه من
سعد وذكروا عيوبا كثيرة حتى انهم قالو ولا يحسن ان يصلي فلما قرأ عمر الكتاب لم يتسرع باتخاد القرار
ولا كتابة النصيحة وانما ارسل محمد بن مسلمة الى الكوفة معه كتاب الى سعد وامره ان يسير مع
سعد ويسال الناس عنه وصل محمد بن مسلمة واخيرا سعد الخبر ثم جعل يصلي مع سعد في
المساجد ويسال الناس عن سعد ولم يدع مسجدا الا سال عنه , ولا يذكرون عن سعد الا معروفا حتى
دخلا مسجدا لبني عبس فقام محمد بن مسلمة وسال الناس عن اميرهم سعد فأثنو عليه خيرا فكرر
عليهم السؤال عندها قام رجلا في ىخر المسجد اسمه اسامة بن قتادة فقال اما اذا نشدتنا بالله
فاسمع ان سعد كان لا يسير بالسوية ولا يعدل في القضية , فعجب سعد وقال : أنا كذلك ؟ قال الرجل
نعم فقال سعد اما والله لاادعون بثلاث : اللهم ان كان عبدك هذا كاذبا وقد قام رياءا وسمعة اللهم ف:
اطل عمره واطل فقره وعرضه للفتن ثم خرج سعد من المسجد ومضى الى المدينة ومات بعدها يسنوات
أما ذلك الرجل فلا زالت دعوة سعد تلاحقه حتى كبرت سنو ورق عظمة واحدودب ضهره وطال عمره
حتى مل من حياته واشتد فقره فكان يجلس وسط الطريق يسأل الناس وقد سقط حاجباه على عينه من
شدة الكبر فإذا مرت به النساء مد يده يغمزهن ويتعرض لهن فكان الناس يصيحون منه ويسبونه فيقول :
وما افعل ؟ شيخ كبير مفتون , اصابتني دعوة الرجل الصالح سعد بن ابي وقاص .
"بئس مطية الرجل زعموا ."
" كفى بالمرء ان يحدث بكل ما يسمع . "
من كتاب استمتع بحياتك للدكتور محمد العريفي